عيوب الإرادة في القانون



*عيوب الإرادة: الخطأ كمثال قانوني*


تُعد الإرادة الحرة الواعية ركناً أساسياً من أركان العقد، إذ لا يمكن الحديث عن توافق صحيح بين الطرفين دون تحقق إرادة سليمة وخالية من العيوب. ومن بين أبرز العيوب التي قد تصيب الإرادة نجد "الخطأ"، الذي يُعد أحد الأسباب المؤدية إلى بطلان العقد أو قابليته للإبطال، حسب طبيعة الخطأ وظروف التعاقد.


*مفهوم الخطأ في التعاقد*


الخطأ هو اعتقاد خاطئ يقع فيه أحد المتعاقدين أثناء تكوين العقد، بحيث يؤدي هذا الاعتقاد إلى إصدار إرادة لا تعبر عن الواقع الحقيقي. وهو نوعان رئيسيان: الخطأ الجوهري والخطأ غير الجوهري. الأول هو الذي يؤثر في رضا المتعاقد، ويؤدي إلى خلل في توازن العقد، بينما الثاني يكون طفيفاً ولا يترتب عليه أثر قانوني هام.


*أنواع الخطأ المؤثرة في صحة العقد*


1. *الخطأ في ذات المتعاقد*: مثل أن يعتقد أحد الأطراف أنه يتعامل مع شخص معين له صفات معينة، ثم يتبين خلاف ذلك.

2. *الخطأ في طبيعة العقد*: كأن يظن أحد الطرفين أنه يبرم عقد إيجار بينما هو في الواقع يبرم عقد بيع.

3. *الخطأ في محل العقد أو الشيء المتعاقد عليه*: مثل أن يشتري شخص لوحة فنية ظنًّا أنها أصلية ثم يتبيّن أنها مقلدة.

4. *الخطأ في صفة جوهرية*: كأن يشتري شخص سيارة معتقدًا أنها جديدة بينما هي مجددة أو تعرضت لحادث سابق.


*الخطأ المانع والمانع من التعاقد*

- *الخطأ المانع* هو الذي يمنع انعقاد العقد من الأساس، كأن يعتقد الشخص أنه يعبّر عن مجرد رغبة لا التزام.

- أما *الخطأ غير المانع* فهو الذي يسمح بانعقاد العقد، لكن يؤثر في صحته ويمنحه القابلية للإبطال، إذا ما ثبت أن الخطأ كان جوهريًا.


*شروط ترتيب البطلان على الخطأ*


لا يترتب البطلان إلا إذا توافرت عدة شروط، من أبرزها:


- أن يكون الخطأ جوهريًا.

- أن يكون الخطأ هو الدافع الأساسي للتعاقد.

- ألا يكون المتعاقد الآخر قد ارتكب غشًا أو خداعًا أدى لهذا الخطأ.

- أن يكون الطرف الآخر على علم بالخطأ أو كان بإمكانه اكتشافه.


*الخطأ المشترك والإنفرادي*


- *الخطأ المشترك* يقع من الطرفين معًا، ويؤدي عادة إلى بطلان العقد تلقائيًا لأنه ينبني على انعدام التوافق الحقيقي.

- *الخطأ الإنفرادي* يقع من طرف واحد، ولا يُعتد به إلا إذا كان جوهريًا وكان الطرف الآخر على علم به.


*أثر الخطأ في القانون المغربي*


القانون المغربي، شأنه شأن أغلب القوانين المدنية، يعترف بالخطأ كعيب من عيوب الإرادة، ويمنح المتضرر منه حق طلب إبطال العقد، مع إمكانية المطالبة بالتعويض إذا نتج عن الخطأ ضرر مادي أو معنوي.


---


*خلاصة*

الخطأ ليس مجرد غلطة عابرة، بل يمكن أن يكون سببًا جوهريًا في المساس بصحة العقد. لذا، يحرص المشرع على وضع ضوابط صارمة لمعالجته، حمايةً لإرادة المتعاقدين، وتحقيقًا للعدالة والتوازن في العلاقات التعاقدية.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

القاعدة القانونية: تعريفها، خصائصها، وأنواعها بالأمثلة

ما هي الشكاية و كيفية كتابتها

قانون الالتزامات و العقود